الإستراتيجية التركية للتنمية الاقتصاديةالمشروعات الصغيرة والمتوسطة نموذجاً

شهد العالم خلال أزمة النفط عام 1973 تراجعًا في الأهمية الممنوحة للمؤسسات الضخمة والإنتاج الكثيف، حيث بدأت الاقتصادات الكبرى في إعادة النظر في نماذجها الصناعية، وفي هذا السياق، اكتسبت المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تعتمد على تكنولوجيا إنتاج مرنة، أهمية متزايدة في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، واليابان، التي كانت سبّاقة في إدراك دور هذه المشروعات، وسعت إلى تشجيعها عبر برامج دعم متنوعة. ولا تزال أنشطة الدعم مستمرة حتى اليوم بوتيرة متصاعدة، من خلال وضع برامج تمويلية وهيكلية تهدف إلى تعزيز أداء هذه المشروعات وإبراز أهميتها في التنمية الاقتصادية، لا سيما من حيث هياكلها المالية ومصادر تمويلها، وتأثير هذه العوامل على زيادة حجم الأعمال .
وفي هذا الإطار، تُعد تركيا سوقًا عالية النمو تحتضن العديد من المشروعات والاستثمارات، سواء الكبيرة أو الصغيرة. وقد احتل الاقتصاد التركي المرتبة الحادية عشرة عالميًا من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، وفقًا لتقارير البنك الدولي لعام 2022. وسلكت تركيا مسارًا متسارعًا نحو التقدم والازدهار، مما جعلها تُصنف ضمن الاقتصادات الصاعدة ذات التأثير الإقليمي والدولي. ووفقًا لبيانات هيئة الإحصاء التركية، بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من عام 2022 نحو 7.6%، وهو ما يعكس ديناميكية الاقتصاد التركي، وقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي نحو 906 مليار دولار، رغم وجود عجز في الميزان التجاري وصل إلى 110 مليارات دولار، بصادرات بلغت 254 مليار دولار، وواردات بلغت 364 مليار دولارأما سعر صرف الدولار فقد تراوح بين 18.5 و19 ليرة تركية في نهاية العام، وبلغ حجم الدين العام نحو 344 مليار دولار، أي ما يعادل 38% من الناتج المحلي الإجمالي.